الهايتك الإسرائيلي يُقاوم... هل ينقذ اقتصاد يتآكل؟

أغسطس 4, 2025 - 21:28
 0  4
الهايتك الإسرائيلي يُقاوم... هل ينقذ اقتصاد يتآكل؟

رغم تباطؤ النمو واتساع العجز المالي، تلقّى الاقتصاد الإسرائيلي هذا الأسبوع جرعة دعم غير متوقعة من قطاع التكنولوجيا المتقدمة، عبر صفقة استحواذ ضخمة تُعد من الأكبر في تاريخ صناعة الأمن السيبراني.

فقد أعلنت شركة "بالو ألتو نيتووركس" الأميركية عن استحواذها على شركة "سايبرآرك" الإسرائيلية مقابل نحو 25 مليار دولار، في خطوة تعزز موقع إسرائيل كقوة عالمية في السايبر، لكنها تطرح أيضًا تساؤلات: هل تنجح هذه الصفقات في إنقاذ اقتصاد يترنّح تحت عبء الحرب والعزلة الدولية؟

أجور ترتفع... وقوة شرائية تتآكل

أحدث بيانات المكتب المركزي للإحصاء تكشف أن متوسط أجر العامل الإسرائيلي بلغ 13,417 شيكلًا في مايو 2025، بزيادة 3.6% على أساس سنوي. لكن، بعد احتساب التضخم، لا تتعدى الزيادة الحقيقية 0.5%، ما يعكس شبه ثبات في القوة الشرائية. بل إن تقديرات شركة "بيزك" تُظهر أن متوسط الأجور ارتفع 2.5% فقط في يونيو، وهو أقل من معدل التضخم البالغ 3.3%، ما يعني تراجعًا فعليًا في قدرة الأجور على تغطية تكاليف المعيشة.

نمو الوظائف يراوح مكانه

الوظائف بدورها لم تسجّل اختراقًا يُذكر. فعدد الوظائف في يونيو بلغ 4.1 مليونًا، بزيادة هامشية لا تتجاوز 2000 وظيفة مقارنة بالعام الماضي، أي أقل من معدل النمو السكاني. أما مع احتساب العمال الأجانب، فيصل الرقم إلى 4.32 مليونًا، ما يعكس اعتمادًا متزايدًا على العمالة الوافدة لتعويض الفجوة.

قطاع التكنولوجيا العالية: نجم لامع في سماء قاتمة

في المقابل، يواصل قطاع التكنولوجيا العالية أداءه القوي، إذ بلغ متوسط أجر موظفيه 31,366 شيكلًا في مايو، بزيادة 5.8% تفوق معدل التضخم. ورغم تراجع الأجر مقارنة بذروته في مارس (36,700 شيكل)، يظل القطاع الأعلى دخلًا ونموًا. يبلغ عدد العاملين فيه نحو 400 ألف، ما يمثل 9.7% من إجمالي الوظائف.

صفقة "سايبرآرك": أكثر من مجرد استحواذ

صفقة بيع "سايبرآرك" لا تمثل فقط نجاحًا استثماريًا، بل قصة صعود بدأت من وحدة 8200 الاستخباراتية ووصلت إلى العالمية. مؤسسو الشركة، أودي موكدي وألون كوهين، حوّلا براءة اختراع بسيطة إلى شركة رائدة توظف 4000 شخص وتدرّ دخلًا يُقدّر بـ1.3 مليار دولار سنويًا.

لكن الأثر يتجاوز الشركة؛ صناديق التقاعد والاستثمار وشركات التأمين الإسرائيلية ستحقق أرباحًا كبيرة، ما يعزز محافظ الادخار لعشرات آلاف المواطنين. أما خزينة الدولة، فهي بانتظار نحو 2 مليار دولار ضرائب، في وقت تواجه فيه عجزًا يُقدّر بـ6.9% من الناتج المحلي – الأعلى منذ جائحة كورونا.

اقتصاد في عنق الزجاجة

ورغم هذا الضوء في نفق قاتم، لا يمكن تجاهل المؤشرات الكلية المقلقة: تراجع النمو، فشل في كبح التضخم، رفع متوقّع للضرائب، وبدء تطبيق رسوم جمركية أميركية بنسبة 15% على صادرات إسرائيل، وهي صفعة موجعة لعلاقات اقتصادية تعتمد بشكل كبير على السوق الأميركي.

هايتك وحده لا يكفي

حتى مع مساهمة قطاع الهايتك بـ40% من نمو الناتج المحلي و53% من الصادرات، تبقى هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي كامنة في اتكاله على قطاعات قليلة، وعزلته المتزايدة بسبب الحرب على غزة وتصاعد الدعوات الدولية للمقاطعة الاقتصادية.

الصفقة الأخيرة تضيء شمعة في عتمة التباطؤ الاقتصادي، لكنها لا تُلغي الحاجة إلى إصلاحات هيكلية أعمق، ولا تُغني عن مواجهة الواقع السياسي والاقتصادي المتغيّر.

 

ما هي ردة فعلك؟

اعجبني اعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0