اقتصاد المعرفة: الحلم الذي تجهله السياسة

يوليو 7, 2025 - 20:08
 0  0
اقتصاد المعرفة: الحلم الذي تجهله السياسة

التعليم الإلكتروني في فلسطين: مقاومة رقمية أم ترف مستحيل؟

في زمن الانهيارات الكهربائية المتكررة والانقطاع الدوري للإنترنت، يبدو الحديث عن "ثورة رقمية تعليمية" في غزة والضفة الغربية وكأنه نوع من الترف غير الواقعي. لكن في السياق الفلسطيني، لطالما اختلط الترف بالضرورة. ومن بين الركام، خلف شاشات متصدعة وأصوات المولدات، يحاول طلاب فلسطين أن يلتحقوا بالعصر—ولو عن بُعد.

أكثر من مجرد "محاضرة عبر زوم"

ما بدأ في مارس 2020 كاستجابة طارئة لجائحة كوفيد-19، تحوّل تدريجيًا إلى واقع دائم. لكن هذا الواقع لم يأتِ بسهولة. "كنت أتابع المحاضرات من الهاتف، على ضوء شمعة"، تقول طالبة جامعية من غزة فضّلت عدم الكشف عن اسمها. في رام الله، الصورة مختلفة ولكن ليست مثالية. هناك اتصال أفضل، ولكن يظل التفاعل مع المحتوى التعليمي هشًا، وأحيانًا مجتزأ، في غياب بنية رقمية متكاملة.

الأسئلة الملحة لم تعد تقنية فقط: هل يمكن بناء مجتمع معرفي فعّال من خلال وسائط افتراضية غير مستقرة؟ وهل يملك طالب في مخيم الشاطئ نفس فرصة التعلم مثل نظيره في بيرزيت أو الخليل؟

فجوة رقمية... وفجوة في السياسات

في الضفة الغربية، ظهرت مبادرات جامعية مدعومة بتمويل خارجي وأخرى محلية، تتفاوت في جودتها واستدامتها. لكن ما غاب هو التنسيق بينها، والرؤية طويلة الأمد. أما في غزة، فالوضع أشبه بمحاولات فردية مبعثرة. الأساتذة يصورون دروسهم على هواتفهم، والطلبة يتابعون من زوايا بيوتهم المظلمة، بين انقطاعين للكهرباء.

هذه ليست فجوة رقمية فحسب، بل فجوة اقتصادية وسياسية أيضًا. لا يكفي توفير المحتوى، بل لا بد من توفير البيئة. جهاز حاسوب، إنترنت موثوق، مساحة آمنة للدراسة، كلها عناصر مفقودة عند شريحة واسعة من الطلاب.

اقتصاد المعرفة: فرصة ضائعة أم مسار قادم؟

بينما تطوّر دول الجوار منظومات تعليم رقمي مترابطة مع سوق العمل العالمي، ما تزال فلسطين عالقة في مرحلة "الحلول المؤقتة". ومع ذلك، هناك ومضات من الأمل. منصات مثل Gaza Sky Geeks تفتح أبوابًا نحو العمل الحر والتعليم التقني. طلاب فلسطينيون يعلّمون البرمجة، ويعملون مع شركات أجنبية، من شقق صغيرة أو حتى خيام في بعض الحالات.

هذا الجهد الذاتي يثبت أن التعليم الإلكتروني ليس ترفًا، بل وسيلة للبقاء، وربما السبيل الوحيد لاختراق الحصار المعرفي والاقتصادي.

نحو نموذج فلسطيني للتعليم الرقمي

ما نحتاجه ليس مجرد تحديث في الوسائل، بل تحول في الفهم. التعليم الرقمي لا يجب أن يكون بديلاً بائسًا عن الحضور الوجاهي، بل مكمّلًا ثريًا له. نحتاج إلى نموذج فلسطيني يجمع بين مرونة الوسيط الرقمي وعمق التفاعل الإنساني. نحتاج إلى معلم يحرّك الفكر، لا فقط يشرح المحتوى.

وقبل ذلك، نحتاج إلى استثمار فعلي في البنية التحتية، إلى شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، وإلى إرادة سياسية ترى في التعليم مشروعًا للتحرر، لا مجرد بند في ميزانية مثقلة بالعجز.

سؤال لا ينتظر إجابة بطيئة

هل يمكن أن ننتظر أكثر؟ طالبة في خانيونس تحاول اجتياز امتحانها عبر هاتف أخيها. طالب في نابلس يتنقل بين المقاهي للعثور على شبكة Wi-Fi مستقرة. هذه ليست استثناءات، بل الواقع اليومي لآلاف الطلبة.

في فلسطين، التعليم لم يكن يومًا رفاهية. كان دائمًا مشروع بقاء.

 

ما هي ردة فعلك؟

اعجبني اعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0